القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74875 مشاهدة
شرح حديث الدين النصيحة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. الحديث الثالث: عن تميم الداري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. هذا من الأحاديث الجامعة التي تحتوي على كلام مختصر، ولكن يدخل في ذلك جميع أو أكثر ما يتعلق بالدين أخبر بأن الدين هو النصيحة.
الدين يراد به دين الله الذي هو دين الإسلام، ويسمى جميع ما يتقرب به إلى الله تعالى دين؛ فأركان الإسلام من الدين وأركان الإيمان وركن الإحسان كلها من الدين؛ كما تقدم في حديث جبريل عليه السلام لقوله: هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم، أو يعلمكم أمر دينكم ثم أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأن الدين محصور في النصيحة ؛ ولأهمية ذلك كرر الكلمة ثلاث مرات قالها ثلاثا الدين النصيحة. الدين النصيحة. الدين النصيحة ولما سمعوه عرفوا أن هذا التكرار؛ لأجل أهمية النصيحة وأهمية هذا الأمر، فقالوا: لمن تكون النصيحة؟ فأخبر بأن النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
كلمة النصيحة مشتقة من النصح الذي هو الخلوص، يقولون: نصح العسل يعني خلصه وصفاه مما يكون فيه، فيقولون: فلان ناصحا لك؛ أي أنه محب لك ويحب لك الخير ويدلك عليه وينصحك؛ يعني يرشدك إلى خير ما يعلمه مفيدا لك.
فالنصيحة مقتضاها أن ينصح الإنسان لمن يوده، ويؤدي إليه حق هذه النصيحة. وقد بعث الله تعالى بها الرسل أن ينصحوا لأقوامهم فقال تعالى في قصة نوح أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ أي أحب لكم الخير، وأدلكم عليه من باب مودتكم، وقال في قصة هود أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أخبر بأنه ناصح لهم.
وقال في قصة صالح لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ أخبر بأنه نصح لهم، وإنهم ردوا نصيحته ولم يحبوا من ينصحهم، وكذلك قال في قصة شعيب لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ فكل الأنبياء أخبر الله بأنهم ناصحون لقومهم أي محبون لنجاتهم.
فالذين يحبون لك الخير لا بد أنهم يدلونك عليه، وإذا دلك أحد على خصلة من خصال الخير عرفت بأنه ناصح لك، وضد النصيحة الغش والخديعة، فالناصح هو الذي يخلص محبته ومودته لأخيه ويدله على الخير، ويحذره عن الشر، هذا حقيقة النصح كلمة معروفة مشتهرة لا تحتاج إلى تفسير كلمة النصيحة.
ثبت عن جرير -رضي الله عنه- قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم هكذا كان يبايع أن ينصح المسلم للمسلمين، ويدلهم على الخير ويحذرهم عن الشر، ويكون هذا هو نتيجة أو علامة النصح، فإذا رأيت الذي يحذرك من شر تقع فيه كنت عرفت بأنه لك من الناصحين، وإذا جاءك من يدلك على خير وعلى مصلحة قلت: هذا ناصح لي هذا يحب لي الخير فنصحني بذلك.